من تأثيرات الصوم على جسم الانسان
بدر ناصح عبدالعزيز
الصوم يقتل الألم
تشير الدراسات الطبية، الى ان مخ الانسان يفرز مواد كيميائية من اهمها مادة الفيلادين ومادة الاندروفين اللتان يزداد افرازهما في حالات تعرض الانسان للتوترات العصبية ومواجهة المواقف الصعبة، وخصوصاً عندما يصر الانسان على التمسك بالصبر ومواجهة هذه المواقف، ويجاهد من اجل تحقيق هدفه ورغبته، وكل هذا تجده ظاهراً في الصوم باعتباره جهاداً مع النفس في كبح جماح شهواتها والتحكم في انفعالاتها والاصرار على الالتزام بتعاليم الدين الاسلامي، مما يؤدي الى زيادة تدفق افراز هذه المواد الفسيولوجية التي تعمل على ضبط الاعصاب واستعادة توازنها وتهدئة الانسان دون الاستعانة بتناول المهدئات.
وعندما يصبر المسلم ويجاهد نفسه ويواجه الامور بعزم متمسكاً بعقيدته، يزداد تدفق افراز مادة الاندروفين التي توقف استمرار تيار الألم من العضو المصاب ومنعه من الانتقال الى جزء الدماغ المسؤول عن تفسير حالات الالم والاحساس به.
بناء على ذلك، يعتبر الصوم من اعظم طرق الطب الطبيعي لازالة حالات الشعور بالألم او تقليل حدته على الأقل.
ولعل التفسير العلمي لظاهرة اختفاء او تقليل شدة الألم عند المرضى الصائمين خلال شهر رمضان المبارك هو زيادة تدفق مادة الاندروفين العازلة لمرور تيار الألم.
الصوم وعسر الهضم
عسر الهضم كلمة شائعة تشمل عدداً من الاعراض التي تعقب تناول الطعام، وتشمل الم البطن والغثيان والغازات والتجشؤ والشعور بالانتفاخ والاحساس بعدم الارتياح والضيق، ويحدث عسر الهضم بعد تناول وجبات ثقيلة او اطعمة تحتوي على البهارات الحارة والتوابل, وكذلك من الاسباب الاساسية لعسر الهضم التعرض لضغوط نفسية وازمات عاطفية وصدمات عصبية.
ويعالج هؤلاء المرضى باعطائهم الادوية المضادة للحموضة وتشنجات القولون والمنظمة لحركة الامعاء والمهضمة بانتظام تحت اشراف الطبيب المتخصص الذي يشخص الحالة ويصل الى معرفة اسباب الاصابة بعسر الهضم.
والصوم بمفهومه الايماني الذي يعوّد الانسان على التحكم والسيطرة على غريزة الطعام وهي من اهم غرائز الانسان، يعتبر تدريباً وتمريناً طوال شهر رمضان يساعد الانسان في الابتعاد عن الاطعمة المهيجة للقولون.
وكذلك فان تنظيم مواعيد تناول الطعام في الافطار والسحور يساعد على تنظيم حركة الامعاء.
وبقدرة الصيام الهائلة على تقوية الارادة وتنميتها والتخلص من الضغوط النفسية ورفع الروح المعنوية وحالة الهدوء العاطفي والاستقرار النفسي، تتحسن حالات عسر الهضم والتهابات القولون.
الصوم يطرد السموم
في حال الصوم والامتناع عن الطعام عموماً، تحدث عمليتان اساسيتان، الاولى: ينتقل الجسم الى تغذية نفسه معتمداً على الاحتياطيات المتراكمة داخله، بحيث يأخذ من مخزون المواد العضوية من السكريات والشحوم والبروتين، ولا يفرط بسهولة في المواد غير العضوية مثل الحديد المختزن في الكبد من بقايا الكريات الدموية الحمراء منتهية الأجل.
والثانية: يتخلص الجسم تدريجياً من الفضلات والسموم المختلفة بداخله على امتداد فترات طويلة، فهو من ناحية لا يستقبل المزيد من السموم والنفايات الناتجة عن تحلل الطعام في الجهاز الهضمي، ومن ناحية اخرى، يطرح ما تراكم به من سموم عبر اللعاب وعصارة المعدة والبنكرياس والحوصلة الصفراوية والبول والغائط والمخاط.
واضافة للعمليتين الاساسيتين السابق ذكرهما، يحصل الجسم على قدر كبير من الراحة مع توفير الكثير من الطاقة المستهلكة في عملية الهضم، ومثال ذلك ان القلب تنخفض نبضاته الى (60) نبضة في الدقيقة، أي انه يوفر طاقة (28800) نبضة كل (24) ساعة. نتيجة لهذه الراحة يشرع الجسد بترميم نفسه، وتشير الابحاث الطبية الى ان عملية الشيخوخة التي لا تتوقف منذ ميلاد الانسان حتى موته، لا يمكن وقفها بأي ادوية او معالجات فيزيائية، والطريقة الوحيدة لابطاء شيخوخة الجسد هي بتقليل السعرات الحرارية التي يتناولها الانسان بمعدل (30%) والصوم نموذج لهذا الاقلال من السعرات الحرارية..
الصوم والتحصيل الدراسي
يشير استشاريو طب الاطفال الى ان صيام الاطفال لا يؤثر سلباً على صحتهم الجسمية او الذهنية، لكنه يُعد عملية صيانة لأجهزة الجسم المختلفة حتى تستطيع القيام بوظائفها خلال بقية اشهر السنة.
كما ان الصيام لا يؤثر اطلاقاً على التركيز او التحصيل الدراسية ولا على ممارسة الرياضة الا في نهاية اليوم عندما تنخفض نسبة السكر في الدم.
وينصح بتناول الاطفال للسكريات اثناء الافطار حتى تمدهم بالطاقة اللازمة التي تساعدهم على التحصيل والاستذكار، ويفضل التمر لأنه من اكثر الاطعمة التي تزيد من نسبة السكر في الدم كما انه سهل الهضم.
ويحتاج الطفل بعد الافطار الى بعض الراحة حتى يستطيع هضم ما تناوله من طعام، لذا، يجب عدم الاسراع بالمذاكرة بعد الافطار مباشرة الا بعد ساعتين على الأقل.
الجنين لا يتأثر بصوم الحامل
الجنين مخلوق كامل التطفل صغيراً كان ام كبيراً، يمتص غذاءه من دم الأم مباشرة من دون ان يشعر بصومها.
واحتياج الجنين من الغذاء هو جزء بسيط جداً من احتياج جسمها كعملية التغذية التي تحدث عند جميع الناس، فهي عملية مستمرة متواصلة ليل نهار طيلة حياتها، حيث يدخل الطعام الى المعدة ليهضم وبعدها يتم تمثيله وتصنيفه الى مواده الاولية السكريات والبروتينات والدهون والاملاح المعدنية والفيتامينات، وبعدها تخزن هذه المواد في مخازن الجسم الكثيرة.
ومن هذه المخازن يسحب الجسم عن طريق الدم بعد ذلك كل ما يحتاجه من مواد استهلاكية وطاقة، وعليه، فان احتياجات الجسم الآنية في كل لحظة وكل ساعة لا تأتي مباشرة من الأكل الذي تأكله الأم الحامل وانما من المخزون الوفير، وهذا ما يعطي للجسم مرونة كبيرة في تحمل الساعات الطويلة اثناء الصيام من دون طعام وشراب.
لذلك يأخذ الجنين غذاؤه بانتظام دون تأثر بساعات الصيام.