مشوار الفنانين الذي يبدأ بـ«سلطنة» ينتهي في السجون والمصحات والموت في عزلة
كتب رشا سلامة ٣/٤/٢٠٠٨
كان الفنان «سعيد صالح» يستعد للصعود علي خشبة أحد المسارح بالقاهرة ليؤدي دوره في مسرحية «حلو الكلام» عندما فاجأته الشرطة وسط مجموعة من أصحابه يدخنون الحشيش، وقتها تم تحرير محضر ضد «صالح» بتهمة تعاطي المخدرات ولم يستغرق الأمر طويلاً قبل أن يتم حفظ المحضر احتراماً لتاريخ «صالح» الفني مع وعد منه بعدم العودة مرة أخري إلي الإدمان، غير أن الشرطة عادت مرة أخري وألقت القبض عليه في الإسكندرية مع سبعة آخرين ـ بالتهمة نفسها ـ في إحدي الشقق بحي «مصطفي كامل» عقب تناولهم وجبة فسيخ وكان ذلك قبل عرض مسرحية «تعال نلعبها» والتي كان «صالح» يقوم ببطولتها في هذه المرة صدر حكم بحبسه سنة قضاها داخل سجن الحضرة بالإسكندرية ومنذ أن دخل السجن بدأ سعيد صالح خوض رحلة جديدة مع الإدمان هذه المرة من اجل الشفاء.
سعيد صالح قال لـ «المصري اليوم» إنه لم يعتمد في هذه الرحلة علي الفحوصات الطبية ومصحات الإدمان مثلما يفعل الآخرون، موضحا أن التجربة القاسية التي تعرض لها داخل السجن دفعته للاستيقاظ من الوهم الذي وضعه فيه الإدمان وهو أن مزيداً من المخدرات يعني مزيداً من التألق والنجومية و«السلطنة» علي حقيقة واحدة وهي أن هذه المخدرات هي المدمر الوحيد لصحته ولتاريخه الفني الذي حققه طوال مشواره في السينما والمسرح والتليفزيون ، فبدأ في علاج نفسه بنفسه طوال عام كامل في السجن ، ومثلما يتخذ البعض قراراً لبدء الرجيم قرر هو أن يبدأ في عدم تعاطي أي مخدرات أو السقوط أمام أي إغراء، ساعده علي ذلك السجن الذي أبعده عن المخدرات ولم يعد هناك مجال أمامه لتعاطيها.
ولم يتلق سعيد صالح اي دعم من أسرته أو من زملائه كما يقول «إلا دعما وحيدا تلقاه من الله عز وجل، فقد وجد أن السبب وراء اندفاعه في طريق الإدمان يعود إلي بعده عن الله فبدأ يصلي ويحافظ علي أداء الصلوات في مواعيدها وحفظ القرآن والصوم لكي يتخلص من جميع الأخطاء التي ارتكبها والشوائب العالقة بداخله من هذه التجربة المريرة أملا في أن يفيق النجم بداخله من غيبوبته ويعود من جديد وبداخله يقين من أن شفاءه متعلق بشيء واحد هو إرضاء الله أولا بقضاء فرائضه علي أكمل وجه. بعد خروجه من السجن عام ١٩٩٧ استمر سعيد صالح في طريق التمسك بالدين وأدي الحج الأول له إلي البيت الحرام الذي أعقبه بـ ١١ حجة متتالية.
وبعد شفائه شعر سعيد صالح بالنهار ونسي حياة الليل وانقطع عن جميع الأصدقاء الذين استمروا في هذا الطريق - حسبما ذكر - ولم يندم أبدا أنه بدأ رحلة الشفاء لأنه ببساطة شعر بالصحة والعافية ورفع من وقتها «شعار الإنسان هو الحل» وفي أول أعماله المسرحية بعد شفائه وهي مسرحية «قاعدين ليه» أراد أن يقول للجمهور انه «أجمد» من الأول.
ولم يكن سعيد صالح هو الوحيد الذي انتهي به مشوار الإدمان بالسجن فقد سبقته إليه الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب عام ١٩٨١ عندما ألقي القبض عليها وبحوزتها مخدرات وتحرر محضر ضدها بتعاطي المخدرات وحكم عليها في العام التالي بالحبس عاماً من محكمة جنايات القاهرة ولكن المحكمة أفرجت عنها عقب صدور الحكم لقضائها ١٦ شهراً حبسا احتياطيا علي ذمة التحقيق.
أيضا الفنان حاتم ذوالفقار سليل العائلة الفنية العريقة عائلة ذوالفقار فقد تم القبض عليه أكثر من مرة بتهمة تعاطي المخدرات، ففي عام ١٩٨٧ تم ضبطه وبحوزته ٦ جرامات من الهيروين و٩ جرامات من الحشيش و٣ أقراص من الاسكونال و٣ سنتيمترات من مخدر الماكستون فورت في وكر للمخدرات بأحد الأحياء الشعبية فحكم عليه بالسجن لمدة عام في قضية تعاطي وغرامة ٥٠٠ جنيه.
وتكررت واقعة ضبطه مرة أخري عام ١٩٩٤ عندما تم ضبط ٥ تذاكر هيروين داخل ملابسه ولفافة أفيون بمنزله بالعباسية وبعدها بعام تم القبض عليه مرة أخري بالإسكندرية وتحرر ضده محضر تعاطي ولكن نظرا لخطأ في إجراءات الضبط تمت تبرئته.
«المصري اليوم» اتصلت بحاتم ذوالفقار الذي رفض سرد تجربته مع الشفاء من الإدمان، مبررا ذلك بأنه لم يعد يتذكر هذه الفترة من حياته ولايريد أن يتذكرها أحد، خصوصا أن هناك أجيالاً لا تعلم انه خاض تجربة الإدمان في يوم من الأيام.
ولأخطاء في الإجراءات أيضا تمت تبرئة الفنانين الراحلين محمد الكحلاوي وعماد عبد الحليم وسيد زيان من تهمة تعاطي المخدرات حيث تم ضبطهم في منزل الأول وهم يتعاطون المخدرات عام ١٩٨٤.
ولكن عماد عبد الحليم لم يبتعد بعدها عن تعاطي المخدرات حتي إنه تم العثور علي جثته ملقاة علي أحد الأرصفة بشارع البحر الأعظم بالجيزة عام ١٩٩٥ وبجوارها حقنة ملوثة ببقايا الهيروين وأكد تقرير الطب الشرعي وقتها أن السبب في الوفاة تناول جرعة زائدة من الهيروين.
ومن الفنانين الذين انتهي مشوارهم مع الإدمان بالموت في نهاية الثمانينيات كان الفنان الراحل أنور إسماعيل الذي عرف بشخصية «القماش» تاجر المخدرات في فيلم «النمر والأنثي» حيث عثر علي جثته في إحدي الشقق المفروشة بحي السيدة زينب، وقال وقتها الطبيب الشرعي «إن وفاته جاءت إثر تعاطيه جرعة زائدة من الهيروين».
وينضم إلي القائمة الفنان الراحل مجدي وهبة الذي كان نجما سينمائيا وتليفزيونا في فترة الثمانينيات حيث تم القبض عليه أكثر من مرة بتهمة التعاطي ولكن تمت تبرئته بسبب خطأ في الإجراءات في كل مرة، ولهذا تعرض لحالة نفسية صعبة دفعته إلي الهروب إلي الغردقة ومات هناك إثر تعرضه لهبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة تعاطيه قطعة مخدرات كبيرة.
وكان فاروق الفيشاوي أحد الفنانين الذين دخلوا طريق الإدمان ولكن انتهي به في إحدي المصحات بمساعدة الفنانة سمية الألفي في فترة التسعينيات وتكلف علاجه ٢٥٠ ألف جنيه وقتها ، وفي ١٠ من شهر مارس المنصرم سافر الفيشاوي إلي الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في الحملة التي تبنتها لمحاربة الإدمان ليروي قصته مع الإدمان.
وسبقهم جميعا إلي هذا فنان الشعب سيد درويش الذي لقي حتفه بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات عام١٩٢٣.