الصيام والسلوكيات الغذائية السليمة
شهر رمضان الكريم هو شهر الصوم والعبادات وتعويد النفس على الصبر، ليس فقط على شهواتها وملذاتها الدنيوية المختلفة، وانما ايضاً على ملذات الطعام المختلفة من منطلق ان المعدة بيت الداء والحمية اصل الدواء.
الا ان ما يحصل في هذا الشهر الفضيل ان الموائد العربية بصفة عامة لا تخلو من الاطعمة المختلفة والمتنوعة، واقل ما يقال عنها كوارث غذائية نظراً لما تحويه من دهون ولحوم وعصائر وحلويات عديدة، الامر الذي يسبب العديد من المشاكل الصحية وما يتبعها من امراض تصبح بالفعل خطيرة مثل مرض السكري وارتفاع نسبة الكولسترول والسمنة.
وفيما يلي ارشادات عن بعض السلوكيات الغذائية السليمة التي يوصي بها اخصائيو التغذية لتجنب المضاعفات السلبية الناتجة عن الممارسات الغذائية الخاطئة في هذا الشهر المبارك.
1- التمر:
ينصح بالبدء بتناول ثلاث حبات من التمر، وهذا من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ثبتت الفائدة العلمية لهذه الطريقة وخاصة للأشخاص الذين يعانون من الاصابة بالصداع والدوخة والتعب الناتجة عن نقص معدلات السكر لديهم خلال فترة الصوم، اذ ان السكر الموجود في التمر سريع الامتصاص يرفع سكر الدم بسرعة.
واذا خلط اللبن بالتمر تتعاظم الفائدة المثالية لصحة الصائم نظراً لتوازن المواد الغذائية في هذه الاطعمة، والى جانب فائدة التمر، فان اللبن يحتوي على الكالسيوم وفيتامين ب والبوتاسيوم والمغنيسيوم، وعلى مواد فعالة لقتل البكتيريا الضارة بالأمعاء.
2- الماء
يجب ان يكتفي الصائم بتناول كمية ماء معقولة، بحيث لا تتجاوز كوباً واحداً وذلك لتعويض السوائل التي يفقدها الجسم نتيجة التعرق والتبول، كما ان نقص السوائل وعدم تعويضها قد يؤدي الى الصداع والامساك وتركيز البول بحيث يزيد من فرصة النمو البكتيري في المجاري البولية.
وينبغي على الصائم عند افطاره شرب الماء والسوائل بكميات قليلة خلال تناول الطعام لأنها تعطيه شعوراً بامتلاء البطن والغثيان وتؤدي الى التقيؤ، وينصح بشربهما والاكثار منهما بين وجبتي الافطار والسحور وذلك لتعويض الجسم ما فقده من سوائل. ويؤدي تناول الماء البارد على معدة خالية الى حدوث تقلصات وانقباض في الاوعية الدموية السطحية الموجودة في جدار المعدة، وحدوث تشنج يؤدي الى عدم تدفق الدم بالكمية الكافية واللازمة للقيام بعملية الهضم ويؤثر في افرازات المعدة.
ويفضل تناول عصائر الفواكه الطازجة غير الحامضية والخفيفة كعصير البرتقال والتفاح والتخفيف من العصائر المكثفة مثل عصير قمر الدين.
3- الشوربة:
تعتبر الشوربة مصدراً مهماً للسوائل التي يكون الجسم بحاجة ماسة اليها في فترة الصوم، بحيث توفر المواد الغذائية والسوائل للجسم بشكل سريع.
كما تشكل الشوربة مصدراً مهماً للمواد الغذائية للأشخاص الذين لا يوجد لديهم كامل الاسنان والاضراس كالمسنين.
ويفضل ان تكون مكونات الشوربة من الاغذية سهلة الهضم كالجزر والكوسا والشعيرية والبقدونس والبصل والبازيلاء والفاصولياء وقطع صغيرة من اللحم او الدجاج، مع الابتعاد عن اضافة الدهون والبروتينات والملح والبهارات بكميات زائدة.
كما ان الشوربة الخفيفة الساخنة تساعد على انعاش الامعاء وتهيئتها لاستقبال كميات اكبر من البروتينات والنشويات والدهون وتسهل هضمها، وان احتواءها على الخضراوات يقي من عوامل الامساك، علماً ان غلي الخضراوات يؤدي الى فقدان نسبة من القيمة الغذائية ولكن ليس بشكل ملحوظ، كما ان سائل الشوربة غني بالفيتامينات والاملاح المعدنية التي تتسرب من الخضراوات، ولهذا فانها ذات قيمة غذائية عالية.
4- السلطة:
ثبت ان تناول السلطة ولو لمرة واحدة في اليوم، يحمل فوائد صحية اكثر مما كان يعتقد، وبحسب دراسة مدرسة الصحة العامة في جامعة كاليفورنيا فان الذين يتناولون السلطة والخضراوات النيئة لديهم مستويات أعلى من الفيتامينات وحمض الفوليك.
وينصح اختصاصيو التغذية باضافة قليل من خل التفاح الى السلطة لأنه يقتل الجراثيم، وهو من افضل انواع الخل الصحي المستخدم في الاطعمة، كما انه يمنع السكري ويقلل الوزن.
وينصح الاخصائيون كذلك باضافة زيت الزيتون والذي بدوره يساعد على امتصاص العناصر الغذائية التي تذوب في الدهون. وكذلك استخدام البقدونس في السلطات لأنه يمتص رائحة البطن الكريهة، وكذلك الكزبرة الخضراء لأنها تقتل الجراثيم الضارة في السلطات.
ومن المهم ان يحتوي طبق السلطة على البندورة والخس والخيار والجزر والجرجير وعصير الليمون والثوم والبصل والفجل، والتي تحتوي على مركبات عضوية واقية ذات خواص علاجية للكثير من المشكلات الصحية التي قد تنجم عن التغذية الخاطئة في شهر رمضان مثل الامساك.
5- وجبة الطعام الرئيسية
وهي الوجبة المهمة التي يتغذى بها الجسم، ويأخذ حاجاته من المواد الغذائية، ومن الافضل تناول الطبق الرئيسي بعد الصلاة، اي بعد حوالي ربع ساعة من الافطار لاعطاء الجهاز الهضمي فرصة للاستعداد لاستقبال الوجبة الاساسية، ويفضل في هذه الوجبة ان تكون صغيرة ومحتوية على كميات معتدلة من النشويات والخضراوات واللحوم والحليب والفواكه وعدم الاقتصار على نوع واحد فقط او نوعين.
ويجب الانتباه هنا الى عدم زيادة استهلاك الدهون او اللحوم في وجبة الافطار، ومراعاة ان تقتصر الوجبة على نوع واحد فقط من البروتين الحيواني، اللحم او السمك او الطيور وعلى مقدار قليل منه فقط بما يغطي حاجة الجسم اليومية.
علماً ان الاسراف في تناول اللحوم يتطلب ساعات هضم طويلة فيشعر معها الصائم بالتعب والخمول والكسل فلا يقدر على القيام بواجباته فيما بعد، مع الحذر الشديد من الاسراع في تناول الطعام وعدم المضغ الجيد له.
6- وجبة السحور
يجب تناول وجبة السحور لأنها من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولأهميتها في امداد الجسم بالطاقة والحفاظ على مستوى ثابت من سكر الدم، كما يجب عدم المبالغة في تناول العديد من اصناف الطعام لا سيما الدسمة، منها عند السحور ظناً انها تقي الصائم جوع النهار.
ويجب ان تكون وجبة السحور غنية بالخضراوات والفواكه التي تقلل من العطش طوال النهار مثل الخيار والخس والبطيخ، وايضاً من الاغذية التي تقلل الشعور بالجوع مثل الخبز والبيض المسلوق والسلطة, ويفضل ان تحتوي على بعض التمر واللبن الزبادي.
وينصح بشرب السوائل التي تطفئ العطش مثل الكركديه والرمان وعرق السوس، كما وينصح بتناول الحبوب والبطاطا والمعكرونة والارز وهي مواد كربوهيدراتية مركبة يتم امتصاصها بشكل بطيء وتطرح الى الدم بشكل بطيء، وهو ما يمنع الهبوط الحاد والمفاجئ في السكر في الدم اثناء ساعات الصوم وكذلك يقلل الاحساس بالجوع. ويجب كذلك الابتعاد عن الاغذية التي تزيد الشعور بالعطش مثل الذرة والاطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم والاغذية الجافة مثل البقوليات والسمك.
كما يجب تجنب شرب الشاي الذي يتسبب في ادرار البول وبالتالي فقدان السوائل المهمة للجسم وما تحمله من املاح معدنية تحتاجها اجسامنا اثناء فترة الصيام.
ويفضل الا تحتوي وجبة السحور على اللحوم والدهنيات والسكريات بكميات كبيرة، كما يجب عدم النوم بعد تناول السحور مباشرة لأن الجهاز الهضمي يكسل اثناء النوم مما يسبب الثقل والتخمة، ايضاً يجب الابتعاد عن تناول كميات كبيرة من الماء عند السحور لأنه كلما زادت الكمية المتناولة زادت الكمية المفقودة، ويفضل تأخير السحور ما امكن حتى يتم امداد الجسم بالطاقة اللازمة لأكبر قدر من ساعات النهار.